الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
{وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} النور 22.{ولا يأتل} يحلف {أولوا الفضل} أصحاب الغنى {منكم والسعة أن} لا {يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله} نزلت في أبي بكر حلف أن لا ينفق على مسطح وهو ابن خالته مسكين مهاجر بدري لما خاض في الإفك بعد أن كان ينفق عليه وناس من الصحابة أقسموا أن لا يتصدقوا على من تكلم بشيء من الإفك {وليعفوا وليصفحوا} عنهم في ذلك {ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم} للمؤمنين قال أبو بكر بلى أنا احب أن يغفر الله لي ورجع إلى مسطح ما كان ينفقه عليه.هل قال القرآن هذا، وهو يعلم على أي شيء سيموت أبو بكر أم أن خاتمته غابت عن الله تعالى؟حاش لله تعالى.المهم أن نسأل هؤلاء: هل يؤمنون بأن هذا القرآن منزّل من عند الله تعالى؟؟وعمر رضي الله تعالى عنه الذي كان القرآن ينزل مؤيدا رأيه، حتى لو خالف رأي النبيّ- صلّ يارب عليه وآله وبارك وسلّم كما تحبه وترضاه آمين- الذي يمتلئ رحمة ويقدمها على كل حال آخر، فهو الرحمة المهداة {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} الأنبياء 107 أن الأمور الكبيرة تحتاج مع الرحمة إلى حكمة عمر.وكم يفرح الأستاذ بنبوغ تلميذه!!فعمر امتداد للنبيّ وعمر آمن بالنبيّ محّمد- صلّ يا رب عليه وآله وبارك وسلّم كما تحبه وترضاه آمين- بينما آمن أبو بكر بمحّمد النبيّ- صلّ يا رب عليه وآله وبارك وسلّم كما تحبه وترضاه آمين- كما قال عبقري عصره الأستاذ عباس محمود العقاد: والفارق بين المنهجين كبير محّمد النبيّ أو النبيّ محّمد، رأي عمر في صلاة النبيّ على رأس المنافقين كان عمر يطلب من النبيّ أن لا يصلي عليه (رأس المنافقين).والنبيّ يقول إن الله تعالى خيرني ولم ينهني حتى نزل القرآن بالنهي الصّريح موافقا رأي عمر، ورأي عمر في أسرى بدر معروف، هل يريدون أن نربي أبنائنا على كره هؤلاء العظماء؟فماذا بقي لأبنائنا من قدوة؟؟إن صحفيا في بلد عربي يطلب من المثقفين أن يحاكموا أبو بكر لأنه حارب المرتدين عن الإسلام، وهم في رأيه أحرار الفكر.وهذا الصحفي لماذا لم يكن من أحرار الفكر؟؟هل يخاف من أبي بكر جديد؟أقول له اطمئن لحساب من كان يعمل هؤلاء الخلفاء الأربعة؟؟إن أحد الذين باعوا أنفسهم في سوق الرقيق سمعته على الانترنيت يقول: هل الجنة- زريبة- حتى يدخلها هؤلاء العشرة الذين بشرهم النبيّ بالجنة؟؟أقول له اطمئن سيدخل الجنة من يؤمن بأن الدولارات تبيح المحظورات!!ومن مات من أجل الدولارات مات شهيدا!!اسأل الله تعالى أن يعيدك لدينك وعقلك ومن هم على شاكلتك وأن يعالج الفقر النفسي الذي جعلهم يدافعون في قضية خاسرة وعندهم- أكل الخبز فنون- والذين اشتروه يعلمون أنه كاذب ولسانه لمن يدفع أكثر والمسألة عندهم دنيا فقط.إن مدح القرآن لصحابة النبيّ- صلّ يا رب عليه وآله وبارك وسلّم كما تحبه وترضاه آمين- وثيقة وقّع عليها ربّ العالمين سبحانه.فهل كان يعلم ما سيموتون عليه أم لا؟!إن الله تعالى فرق في القرآن بين المشركين الذين سيمتد عمرهم حتى يدخلوا في الإسلام وبين الذين سيموتون على الكفر.خالد بن الوليد هو سبب هزيمة المسلمين في معركة أحد، ومع ذلك لم ينزل فيه وعيد، بينما نزل وعيد شديد في أبيه الوليد بسبب كلمة قالها في القرآن: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَّمْدُودًا وَبَنِينَ شُهُودًا وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيدًا ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ سَأُصْلِيهِ سَقَرَ} المدثر 11- 26.النتيجة العادلة: {سَأُصْلِيهِ سَقَرَ}.وأبو سفيان:حارب الإسلام واحدا وعشرين عاما، حاربه محليا وعشائريا ودوليا، ومع ذلك لم ينزل فيه وعيد بالنار، بينما نزل في أخته وزوجها: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ} المسد1- 5.فمن يمكنه أن يرد شهادة الله تعالى لأصحاب النبيّ {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} الفتح 28- 29.هو الذي أرسل رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم، بالبيان الواضح ودين الإسلام؛ ليُعْليه على الملل كلها، وحسبك- أيها الرسول- بالله شاهدًا على أنه ناصرك ومظهر دينك على كل دين.محّمد رسول الله، والذين معه على دينه أشداء على الكفار، رحماء فيما بينهم، تراهم ركعًا سُجَّدًا لله في صلاتهم، يرجون ربهم أن يتفضل عليهم، فيدخلهم الجنة، ويرضى عنهم، علامة طاعتهم لله ظاهرة في وجههم من أثر السجود والعبادة، هذه صفتهم في التوراة. وصفتهم في الإنجيل كصفة زرع أخرج ساقه وفرعه، ثم تكاثرت فروعه بعد ذلك، وشدت الزرع، فقوي واستوى قائمًا على سيقانه جميلا منظره، يعجب الزُّرَّاع؛ ليَغِيظ بهؤلاء المؤمنين في كثرتهم وجمال منظرهم الكفار. وفي هذا دليل على كفر من أبغض الصحابة رضي الله عنهم؛ لأن من غاظه الله بالصحابة، فقد وُجد في حقه موجِب ذاك، وهو الكفر. وعد الله الذين آمنوا منهم بالله ورسوله وعملوا ما أمرهم الله به، واجتنبوا ما نهاهم عنه، مغفرة لذنوبهم، وثوابًا جزيلا لا ينقطع، وهو الجنة. (ووعد الله حق مصدَّق لا يُخْلَف، وكل من اقتفى أثر الصحابة رضي الله عنهم فهو في حكمهم في استحقاق المغفرة والأجر العظيم، ولهم الفضل والسبق والكمال الذي لا يلحقهم فيه أحد من هذه الأمة، رضي الله عنهم وأرضاهم).
ونظيرُه في الإثْبَات: {فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي} [إبراهيم: 36].وعلى هذا، فيكُون {فِي شَيْءٍ} متعلِّقًا بالاسْتِقْرَار الذي تعلَّق به مِنْهُم، أي: ليست مُسْتَقِرًّا منهم في شيء، أي مِنْ تَفْرِيقهم.ويجُوز أن يَكُون {فِي شيءٍ}: الخبر، و{مِنْهُم}: حال مُقدِّمة عليه، وذلك على حَذْفِ مُضافٍ، أي: لَسْت في شيءٍ كَائِن من تَفْرِيقهم، فلمَّا قُدِّمت الصِّفَة نصبت حالًا. اهـ.
|